الرهن الرسمي عقد به يكسب الدائن على عقار مخصص لوفاء دينه حقاً عينياً، يكون له بمقتضاه أن يتقدم على الدائنين العاديين والدائنين التاليين له في المرتبة في استيفاء حقه من ثمن ذلك العقار في أي يد يكون.
فالرهن عقد يتم بين الراهن والدائن المرتهن ويعطى لهذا الأخير حقاً عينياً عقارياً على العقار المخصص لوفاء الدين بجميع ما ينتج عن هذا الحق من مزايا وضمانة عينية، كما يعطى له حق التتبع في يد من تنتقل إليه ملكية العقار المرهون، ويبقى الراهن مالكاً للعقار المرهون وحائزاً له ويحتفظ بحقه في التصرف فيه ولا يتقيد في ذلك إلا بعدم الإضرار بحق الدائن المرتهن، ويستوى في ذلك أن يتصرف الراهن في كل العقار المرهون أو في جزء منه فقط.
الفرق بين الرهن الرسمي و الرهن الحيازي
ينشأ حق الرهن الرسمي بمقتضى عقد رسمي بحيث يجب إتباع إجراءات رسمية لتوثيقه أمام موظف رسمي.
بينما ينشأ حق الرهن الحيازي بمقتضى عقد عرفي، و تبقى ملكية وحيازة الشيء المرهون في حق الرهن الرسمي بيد المالك (المدين)، بينما تنتقل الحيازة في عقد الرهن الحيازي إلى الدائن.
يرد حق الرهن الرسمي على العقارات فقط، بينما يرد حق الرهن الحيازي على العقارات والمنقولات.
التزامات الراهن و الدائن المرتهن في الرهن الرسمي
حدد القانون رقم 131 لسنة 1948 والخاص بإصدار القانون المدني وتعديلاته، في الفصل الثاني منه على التزامات الراهن والمرتهن وذلك كالآتي:
التزامات الراهن:
على الراهن تسليم الشيء المرهون إلى الدائن أو إلى الشخص الذي عينه المتعاقدان لتسلمه ويسرى على الالتزام بتسليم الشيء المرهون أحكام الالتزام بتسليم الشيء المبيع.
إذا رجع المرهون إلى حيازة الراهن انقضى الرهن، إلا إذا أثبت الدائن المرتهن أن الرجوع كان بسبب لا يقصد به انقضاء الرهن.
يضمن الراهن سلامة الرهن ونفاذه، وليس له أن يأتى عملا ينقص من قيمة الشيء المرهون أو يحول دون استعمال الدائن لحقوقه المستمدة من العقد، وللدائن المرتهن في حالة الاستعجال أن يتخذ على نفقة الراهن كل الوسائل التي تلزم للمحافظة على الشيء المرهون. يضمن الراهن هلاك الشيء المرهون أو تلفه إذا كان الهلاك أو التلف راجعا بخطئه أو ناشئا عن قوة قاهرة.
وتسري على الرهن الحيازى أحكام المادتين 1048 و1049 المتعلقة بهلاك الشيء المرهون رهنا رسميا أو تلفه، وبانتقال حق الدائن من الشيء المرهون إلى ما حل من حقوق.
التزامات الدائن المرتهن:
إذا تسلم الدائن المرتهن الشيء المرهون فعليه أن يبذل في حفظه وصيانته من العناية ما يبذله الشخص المعتاد، وهو مسئول عن هلاك الشيء أو تلفه ما لم يثبت أن ذلك يرجع لسبب أجنبى لا يد له فيه.
ليس للدائن أن ينتفع بالشيء المرهون دون مقابل.
وعليه أن يستثمره استثمارا كاملا ما لم يتفق على غير ذلك.
وما حصل عليه الدائن من صافي الريع وما استفاده من استعمال الشيء يخصم من المبلغ المضمون بالرهن ولو لم يكن قد حل أجله، على أن يكون الخصم أولا من قيمة ما أنفقه في المحافظة على الشيء وفي الإصلاحات، ثم من المصروفات والفوائد، ثم من أصل الدين.
إذا كان الشيء المرهون ينتج ثمارا أو إيرادا واتفق الطرفان على أن يجعل ذلك كله أو بعضه في مقابل الفوائد، كان هذا الاتفاق نافذا في حدود أقصى ما يسمح به القانون من الفوائد الاتفاقية.
يتولى الدائن المرتهن إدارة الشيء المرهون، وعليه أن يبذل في ذلك من العناية ما يبذله الرجل المعتاد، وليس له أن يغير من طريقة استغلال الشيء المرهون إلا برضاء الراهن، يجب عليه أن يبادر بإخطار الراهن عن كل أمر يقتضي تدخله.
فإذا أساء الدائن استغلال هذا الحق أو أدار الشيء إدارة سيئة أو ارتكب في ذلك إهمالا جسيما، كان للراهن الحق في أن يطلب وضع الشيء من تحت الحراسة أو أن يسترده مقابل دفع ما عليه. وفي الحالة الأخيرة إذا كان المبلغ المضمون بالرهن لا تسري عليه فائدة ولم يكن قد حل أجله، فلا يكون للدائن إلا ما يبقى من هذا المبلغ بعد خصم قيمة الفائدة منه بسعرها القانونى عن المدة ما بين يوم الوفاء و يوم حلول الدين.
يرد الدائن الشيء المرهون إلى الراهن بعد أن يستوفي كامل حقه، وما يتصل بالحق من ملحقات و مصروفات و تعويضات .
أثار الرهن الرسمي في القانون المصري
أثر الرهن فيما بين المتعاقدين:
اولا: بالنسبة للراهن:
يجوز للراهن أن يتصرف في العقار المرهون بما لا يؤثر في حق الدائن المرتهن.
كما أن للراهن الحق في إدارة العقار المرهون وفي قبض ثماره إلى وقت التحاقها بالعقار و الإيجار الصادر من الراهن لا ينفذ في حق الدائن المرتهن إلا إذا كان ثابت التاريخ قبل تسجيل تنبيه نزع الملكية، أما إذا لم يكن الإيجار ثابت التاريخ على هذا الوجه، أو كان قد عقد بعد تسجيل التنبيه ولم تعجل فيه الأجرة، فلا يكون نافذا إلا إذا أمكن اعتباره داخلا في أعمال الإدارة الحسنة، وإذا كان الإيجار السابق على تسجيل التنبيه تزيد مدته على تسع سنوات، فلا يكون نافذا في حق الدائن المرتهن إلا لمدة تسع سنوات ما لم يكن قد سجل قبل قيد الرهن.
يلتزم الراهن بضمان سلامة الرهن. وللدائن المرتهن أن يعترض على كل عمل أو تقصير يكون من شأنه إنقاص ضمانه إنقاصا كبيرا، وله في حالة الاستعجال أن يتخذ ما يلزم من الوسائل التحفظية وأن يرجع على الراهن بما ينفق في ذلك.
إذا تسبب الراهن بخطئه في هلاك العقار المرهون أو تلفه، كان الدائن المرتهن مخيرا بين أن يقتضي تأمينا كافيا أو أن يستوفي حقه فورا.
فإذا كان الهلاك أو التلف قد نشأ عن سبب أجنبى ولم يقبل الدائن بقاء الدين بلا تأمين، كان المدين مخيرا بين أن يقدم تأمينا كافيا أو أن يوفي الدين فورا قبل حلول الأجل، وفي الحالة الأخيرة إذا لم يكن للدين فوائد فلا يكون للدائن حق إلا في استيفاء مبلغ يعادل قيمة الدين منقوصا منها الفوائد بالسعر القانونى عن المدة ما بين تاريخ الوفاء و تاريخ حلول الدين.
ثانيا: بالنسبة للدائن المرتهن:
إذا كان الراهن شخصا آخر غير المدين فلا يجوز التنفيذ على ماله إلا ما رهن من هذا المال، ولا يكون له حق الدفع بتجريد المدين ما لم يوجد اتفاق يقضى بغير ذلك.
و للدائن بعد التنبيه على المدين بالوفاء أن ينفذ بحقه على العقار المرهون ويطلب بيعه في المواعيد و وفقا للأوضاع المقررة في قانون المرافعات. وإذا كان الراهن شخصا آخر غير المدين، جاز له أن يتفادى أى أجراء موجه إليه إذا هو تخلى عن العقار المرهون وفقا للأوضاع وطبقا للأحكام التي يتبعها الحائز في تخليه العقار.
ويقع باطلا كل اتفاق يجعل للدائن الحق عند عدم استيفاء الدين وقت حلول أجله في أن يتملك العقار المرهون في نظير ثمن معلوم أيا كان، أو أن يبيعه دون مراعاة للإجراءات التي فرضها القانون ولو كان هذا الاتفاق قد أبرم بعد الرهن. ولكن يجوز بعد حلول الدين أو قسط منه الاتفاق على أن ينزل المدين لدائنه عن العقار المرهون وفاء لدينه.
الرهن الرسمي بالنسبة للغير بالنسبة للغير:
لا يكون الرهن نافذا في حق الغير إلا إذا قيد العقد أو الحكم المثبت للرهن قبل أن يكسب هذا الغير حقا عينيا على العقار، وذلك دون إخلال بالأحكام المقررة في الإفلاس.
لا يصح التمسك قبل الغير بتحويل حق مضمون بقيد، ولا التمسك بالحق الناشئ من حلول شخص محل الدائن في هذا الحق بحكم القانون أو الاتفاق، ولا التمسك كذلك بالتنازل عن مرتبة القيد لمصلحة دائن آخر إلا إذا حصل التأشير بذلك في هامش القيد الأصلى. يتبع في إجراء القيد و تجديده و محوه و إلغاء المحو و الآثار المترتبة على ذلك كله، الأحكام الواردة بقانون تنظيم الشهر العقارى. مصروفات القيد وتجديده ومحوه على الراهن ما لم يتفق على غير ذلك.
انقضاء الرهن:
ينقضى حق الرهن الرسمى بانقضاء الدين المضمون، ويرد معه إذا زال السبب انقضى به الدين، دون إخلال بالحقوق التي يكون الغير حسن النية قد كسبها في الفترة ما بين انقضاء الحق وعودته.
إذا تمت إجراءات التطهير انقضى حق الرهن الرسمى نهائيا، ولو زالت لأي سبب من الأسباب ملكية الحائز الذي ظهر العقار. إذا بيع العقار المرهون بيعا جبريا بالمزاد العلنى سواء كان ذلك في مواجهة مالك العقار أو الحائز أو الحارس الذي سلم إليه العقار عند التخلية، فإن حقوق الرهن على هذا العقار تنقضى بإيداع الثمن الذي رسا به المزاد، أو بدفعه إلى الدائنين المقيدين الذين تسمح مرتبتهم باستيفاء حقوقهم من هذا الثمن.